روايه امراه العقاپ بقلم الكاتبه ندي محمود
المحتويات
أنها لا تزال بكامل صحتها وجمالها .. عرفت بالمرأة المتسلطة والصارمة لديها من النرجسية ما يكفي لجعل الكثير يبغضها ويبتعد عنها ولديها طبع حاد لا يتحمله أحد خصوصا مع من تكرهه لكنها تكون بكامل حنانها ولطافتها مع أولادها وربما بعض الشيء مع زوجة ابنها فريدة نظرا لأن علاقتهم جيدة وأشبه بالأصدقاء لكن جلنار لم تحصل منها
سوى على الكره والمكائد والنفور لأنها لم تكن موافقة على هذا الزواج منذ البداية .
بولاية كاليفورنيا ....
تجلس بمكتبها على الأريكة الصغيرة وبيدها كوب القهوة الخاص بها تحتسيه بهدوء وعقلها مشغول بالتفكير في زوجها بالتأكيد أنه لم يترك مكان إلا وبحث فيه عنهم ولابد أنه الآن يعاني أشد العناء من فراق ابنته ويتوعد لها بعقاپ عسير عندما يجدها .
_ عايزة أطلق يا عدنان !
كانت جملة صريحة منها تحمل الڠضب والانفعال بينما هو فأجابها بكامل هدوئه دون أن يعير انفعالها أي اهتمام
_ واحنا اتكلمنا في الموضوع ده مېت مرة ياجلنار وكان ردي واضح
_ نتكلم تاني وتالت وعاشر وللمرة المليون كمان .. لغاية ما تفهم إني مبقتش عايزاك خلاص وعايزة أطلق
جز على أسنانه بغيظ فقد بدأ الڠضب يستحوذ عليه هو الآخر حيث صړخ بها بصوته الجهوري
_ وعايزة تتطلقي ليه .. ما إنتي عايشة ملكة وكل اللي بتعوزيه بيكون عندك
_ عشان أنا مش هقبل أكون على الرف تاني كفاية أوي اربع سنين عشتهم معاك وأنا بټعذب من عدم اهتمامك بيا وكأني نكرة مش موجودة .. أنت حياتك كلها عبارة عن أسمهان هانم وشغلك وأخوك وبنتك وطبعا من هننسى فريدة هانم دي أهم حاجة وجلنار ملهاش أي جزء من حياتك ومتحاولش تقول أي حاجة لإني عارفة كويس اوي إنك عمرك ما حبتني ولا هتحبني أنت قلبك وعقلك مستحوذة عليه مراتك وأنا مليش مكان فيه
_ مش هطلقك غير بمزاجي ياجلنار متتعبيش نفسك
ثم تركها واتجه نحو الباب فركضت هي خلفه وامسكت بذراعه ترغمه على الوقوف وتهتف بإصرار
_ هتطلقني ياعدنان ڠصب عنك فاهم ولا لا
حدقها بصمت لثواني معدودة ثم نفض يدها عن ذراعه وأكمل طريقه نحو باب المنزل لينصرف لكنه توقف عند الباب لدقيقتين تقريبا ثم الټفت برأسه نحوها وكأنه تحول مائة وثمانون درجة حيث تمتم بجمود مزيف
ألقى بجملته الڼارية عليها وانصرف ليتركها تتطرح الأسئلة عن معنى كلماته وماهي النتائج التي يقصدها ولم تحصل على إجابتها إلا عندما عرفت بمخططه هو وأبيها ! .
أفاقت من ذكرياتها عندما أحست بالماء الدافئة التي تجري على وجنتيها فمدت أناملها وجففتهم بسرعة وهي تهمس بصوت مسموع
عودة إلى القاهرة ....
وصلت إلى منزل خالتها ووقفت بالحديقة تتطلع لأعلى تحديدا لنافذة غرفته فرأت ظلا يتحرك في الغرفة عرفت فورا أنه بالمنزل .. أخذت نفسا عميقا وقالت بارتباك
_ أهدى خالص يازينة مش هتتوتري زي كل مرة فاهمة ولا لا اتصرفي بطبيعية جدا .. ده آدم يعني مش حد غريب !
قادت خطواتها المرتبكة إلى الداخل فقد حدثتها خالتها بالهاتف وطلبت منها أن تأتي إليها حتى تتحدث معها تحت مسمى الشوق وأنها اشتاقت لها .
وقفت أمام الباب ورفعت يدها حتى تطرق على الباب ولكن دهشت بأسمهان التي فتحت لها قبل أن تطرق حتى ضيقت زينة عيناها باستغراب من أفعال خالتها الغريبة وباللحظة التالية فورا كانت أسمهان تضمها معانقة إياها بحرارة وهي تتمتم بحب
_ عاملة إيه ياوزة وحشتيني يابنت !
خرجت من حالتها المتعجبة ليتمكن منها الڠضب وهي تهتف محتجة
_ وبعدين ياخالتو كام مرة هقولك متقوليش الاسم المستفز ده .. إيه وزة ده كمان !!
قهقهت أسمهان بملأ شدقيها ثم دفعتها للداخل وأغلقت الباب وهي تهتف
_ طيب ادخلي يلا
دارت زينة بنظرها في أرجاء المنزل وكأنها تتأكد من عدم وجوده ثم تنهدت بارتياح وسألت بريبة
_ هو في حاجة ياخالتو ولا إيه !
جذبتها من ذراعها واجلستها على الأريكة أمامها ثم همست
بصوت منخفض
_ آدم بيجهز في المعرض
سرت برودة في جسدها بمجرد سماعها لاسمه وبدأ قلبها ينبض كالمطرقة ثم أجابت على خالتها بصوت مرتبك
_ بجد .. أنا كنت فاكرة أنه لسا فاضل وقت عليه
_ اتلحلحي كدا وروحي ساعديه واقفي معاه .. قربي منه واتكلموا مع بعض
اتسعت عيناها وأشارت بسابتها على نفسها تهتف مندهشة
_ أنا !!!
لكزتها أسمهان في كتفها ثم استكملت همسها وهي تغمز لها بمكر
_ أيوة إنتي هتعملي نفسك
مش فهماني
_ أحم .. إنتي فاهمة غلط يا أسمهان هانم على فكرة الموضوع مش كدا خالص
كادت أن تجيبها ولكن صوت آدم الذي كان ينزل الدرج جعلها تبتلع جملتها في جوفها حيث كان يهتف بعذوبة
_ إيه ده وزة بنفسها عندنا !
ظلت تحدق بها بهيام وهي مبتسمة وهمست لنفسها بصوت غير مسموع بعدما سمعته يقول لها بنفس الاسم الذي سمعته من خالتها للتو
_ لا إنت تقول اللي عايزه براحتك !
وصل لها أخيرا ومد يده وهو يقول بابتسامته المذهلة
_ عاملة إيه يازينة
توترت وتزايدت نبضات قلبها حتى أحست أنه يسمعها
كانت قد عزمت على أنها لن تتوتر عندما تراه ولكن سرعان ما فعلت العكس ! .
مدت يدها بعد ثواني مرت كالسنين بالنسبة لها وصافحته بخجل مفرط تجيب عليه بصوت متلعثم
_الحمدلله ك..ويسة
قررت أسمهان أن تنقذ ابنة اختها من الوضع المرهق للأعصاب التي هي فيه حيث ثبتت نظرها على ملابس ابنها وسألت
_ إنت خارج ولا إيه يا آدم
قال بإيجاب
_ آه ورايا كام مشوار كدا هخلصهم وبعدين هروح الشركة عند عدنان
_ طيب ياحبيبي خلي بالك من نفسك
اكتفى بابتسامته ثم نظر لزينة مرة أخرى وقال بلطافة مألوفة عليه
_ عايزة حاجة يازينة
كلما يوجه لها الحديث يعود توترها وارتباكها ليصبح الضعف وتسير رعشة في جسدها حتى أن وجنتيها تصعد الحمرة إليهم أبت الرد عليه حتى لا تتفوه بحماقات وسط تعلثمها وخجلها واكتفت بهز رأسها بالنفي وهي ترسم على شفتيها ابتسامة مرتبكة .
_ يعني إيه مطلعتش هيا !!
كانت صيحة عڼيفة انطلقت منه فأجابه الطرف الآخر هاتفيا
_ ياعدنان بيه حصل لبس في الأسماء مش أكتر واختلط علينا الأسم لكن اسم زوجة حضرتك مش موجودة في سجلات المطار نهائي والمعلومات اللي وصلت لحضرتك عن الاسم كان خطأ وتشابه اسماء في الاسم الأول فقط
لم يتمكن من الرد عليه أو حتى تكملة المكالمة حيث ألقى بالهاتف على الأريكة وهو يخرج من بين شفتيه سباب لاعنة وألفاظ نابية على الجميع شهرين كاملين وهو يبحث عن زوجته وابنته ولا أثر لهم وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم لم يعد يحتمل التوتر والخۏف أكثر من ذلك .. قلبه يعتصر ألما وشوقا لابنته يخشى أن يصيبها مكروه وعقله لا يتوقف عن بث الأفكار السيئة في ذهنه حول هروب زوجته مع رجل آخر وأخذها لصغيرته معها .. كلما تقذف هذه الأفكار في عقله يشعر وكأنه على وشك أن يتحول لبركان سيقضى على الأخضر واليابس .
جذبه من موجة غضبه العاتية طرق الباب ودخول نشأت الرازي طالعه عدنان مبتسم بعدوانية وقال بنظرة مريبة
_ أهلا يا نشأت بيه .. ولا اقولك ياحمايا .. نورت المكتب والله لا ده الشركة كلها نورت
هتف نشأت بحزم
_ بلاش الاسلوب ده ياعدنان .. أنا جاي اسألك لو عرفت حاجة عن جلنار أنا دورت في كل مكان ومفيش أثر ليها
ضحك عدنان وأجابه باستهزاء وأعين ثاقبة
_ أشك إنك دورت أصلا عليها
استشاط نشأت غيظا وهتف بتحذير
_ متنساش إنها بنتي كمان .. وأكيد هبقى خاېف عليها زيك واكتر
هتف عدنان بوجه جامد خالي من المشاعر وبنبرة غليظة
_ ومين قالك إني خاېف عليها أساسا .. أنا كل اللي يهمني بنتي أما بنتك فحسابها هيكون عسير أوي معايا لما الاقيها
اندفع نحوه نشأت ورفع سبابته في وجهه يقول بنبرة منذرة لأول مرة تكون حقيقية ويرى الڠضب ومشاعر الأبوة الحقيقية في عيناه
_ احنا اتفاقنا كان إنك هتطلق بنتي زي ما هيا عايزة وهتاخد بنتك لكن لو إيدك لمست شعرة واحدة منها هوديك ورا الشمس ياعدنان
خرجت ضحكة عالية من عدنان كانت تحمل السخرية والشړ ثم أجابه من بين ضحكه
_ إيه مشاعر الأبوة الجديدة دي اللي ظهرت عليك مرة واحدة مش هي دي برضوا بنتك اللي ما صدقت تجوزها ليا لما لقيت أن هيكون في مصلحة حلوة ليك من ورا الجوازة دي .. دلوقتي جاي بتهددني وإني مقربش منها .. ثم إن اتفاقنا ده كان قبل ما الهانم بنتك تاخد بنتي وتهرب بيها ونصيحة مني واحد زيك ميحقلهوش أنه يهددني أصلا لأن انا اللي اقدر اوديك ورا الشمس بحركة واحدة مني
لم ينكر نشأت أن شعور الخۏف بداخله بدأ يتفاقم من ټهديد عدنان له بالأخص وهو يعرف أنه يعي تماما ما قاله وأنه بإمكانه بالفعل أن يطيح به إلى الهاوية لكن أبى أن يظهر له مشاعر التوتر التي تملكته واكتفى بنظراته الڼارية له وجملته قبل أن يستدير وينصرف
_ أنا قولت اللي عندي ياعدنان
في أمريكا ....
توقفت سيارته أمام المنزل ثم نظرت جلنار إلى ابنتها النائمة في المقعد الخلفي وظهر الحزن على محياها فشعرت بكف حاتم وهو
يملس على ظهر كفها متمتما بنظرة
متابعة القراءة