روايه امراه العقاپ بقلم الكاتبه ندي محمود
في القفل ثم فتحت الباب ودخلت أولا ثم تبعها هو .. وعيناه جعلت تتجول بجميع أرجاء المنزل الصغير والبسيط .. الأثاث كان كلاسيكيا أقل من درجة البساطة حتى والوان الحوائط بيضاء مائل لونها للأصفرار قليلا .
استفاق على صوتها المبحوح والضعيف
_ خمس دقايق بالكتير وهرجعلك استناني هنا
هز رأسه بالإيجار في ابتسامة لينة بينما فهي فابتعدت وسارت تجاه غرفتها حتى دخلت وأغلقت الباب .. تحرك آدم نحو تلك الأريكة الصغيرة نسبيا وجلس فوقها وبقى يحدق في اللاشيء أمامه بصمت حتى وقعت عيناه على صورة موضوعة داخل حافظ الصور الزجاجي .. فاستقام واقفا والتقطها يحدق بها بابتسامة ساحرة .. كانت الصورة تجمعها هي وسيدة متقدمة في العمر وأدرك أنها جدتها المړيضة .. كانوا أمام شاطيء البحر وهي ترتدي بنطال جينز ومن الأعلى كنزة بحاملات عريضة وتترك شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء ويديها تلفهم حول رقبة جدتها تضمها منها إليها بشكل لطيف .
بعدما أصر عليها بأن تذهب للمنزل وتبدل ملابسها وتأكل وترتاح قليلا ثم تعود مرة أخرى للمستشفى .. ورفض تركها بمفردها بهذه الحالة المزرية فجاء معها حتى يطمئن .
_ دي تيتا !
الټفت برأسه لها وابتسم بحنو ثم غمغم في ثقة
_ إن شاء الله هتقوم بالسلامة اطمنى
اقتربت منه أكثر حتى وقفت بجواره تماما وتطلعت بالصورة التي بين يديه تهتف في مرارة وألم
_ تفتكر !
_ أنا متأكدة مش افتكر يا مهرة .. بعدين احنا مش اتفقنا هنمسك نفسنا ومفيش عياط تاني .. إنتي من شايفة عينك بقى شكلها إزاي من كتر العياط !!
مهرة بضعف يراه بها لأول مرة منذ تعارفهم
_ ڠصب عني يا آدم كل ما اتخيل إنها ممكن متفوقش منها مش بقدر استحمل .. أنا مليش غيرها
_ هتفوق بإذن الله مټخافيش .. ولو محصلش أي تطور في حالتها الصحية لغاية بكرا الصبح هخليهم
ينقلوها مستشفى تاني خاصة عشان تكون تحت عناية واهتمام افضل
رفعت أناملها الواهنة تجفف دموعها وتتطلعه بلمعة مشاعر مختلفة وابتسامة ممتنة هامسة
_ متشكرة أوي بجد يا آدم أنا مش عارفة اشكرك إزاي على وقفتك جمبي
_ أنا مش بعمل كدا عشان تشكريني .. ومكنتش هقدر اسيبك أصلا في الظروف دي الصراحة .. معرفش ليه بس أول ما عرفت إنك في المستشفى جيت فورا
سارت باتجاه الباب هامسة في ابتسامة منطفئة
_ مكنتش اعرف إني مهمة أوي كدا !!
رفع يده يحك عنقه بتفكير ثم يسير خلفها متمتما بمداعبة لطيفة حتى يخرجها من مود الحزن قليلا
اكتفت بتلك الابتسامتها المنطفئة التي تظهر فوق ثغرها دون أن تجيب وفتحت الباب حتى يغادروا وفور خروجه أغلقت الباب جيدا ثم نزلوا واستقلت بالسيارة معه من جديد ليعود بها لجدتها ! ...
بصباح اليوم التالي .......
كانوا جميعهم حول طاولة الطعام أخيرا بعد غيابه لسنوات عنهم هاهو يعود ويشاركهم الطعام من جديد والحديث والضحك وكل شيء كما اعتادوا .
لكن منذ أن عاد بالأمس واستقبلته أمه وشقيقته بالسعادة والعناق والترحيب الحار وسط بكائهم وفرحتهم بعودته لهم إلا أنهم شعروا بأن به شيء غريب وكأنه شيء عكر مزاجه وانتشل البهجة من على وجهه .
والآن يجلس فوق مقعده يتناول الطعام بصمت .. بالواقع بل هو يعبث بصحنه دون أن يأكل ..مما أصاب أمه بالدهشة والقلق التي تبادلت النظرات مع ابنتها بحيرة ثم قالت تسأله باهتمام
_ هشام ياحبيبي مش بتاكل ليه !!
لم يرفع نظره عن الصحن إلا حين أجاب على سؤالها بسؤال آخر كان له أثره عليهم هم الاثنين
_ خبيتي عليا ليه أنها اتخطبت يا ماما !
توقفت شقيقته عن مضغ الطعام الذي بفهمها وثبتت نظرها على أخيها بدهشة وقلق من ردة فعله بينما أمها فابتلعت ريقها بتوتر وغمغمت بخفوت
_ محبتش ازود همك ياحبيبي احنا عارفين كويس إنت سافرت ليه أساسا فمكنش ليه داعي اقولك وازيد ۏجع قلبك
هشام پغضب بسيط وصوت مرير
_ أنا راجع عشانها .. كنت هسيب كل حاجة ورايا ومش ههتم بأي شيء .. وكنت ناوي اطلب أيدها .. وامبارح لما عديت عليهم وشوفتها شوفت الدبلة في أيدها .. فكرك كدا إني ارتحت بالعكس حسيت